الخميس، 20 أكتوبر 2011

سورية والجامعة: عهد جديد


سورية والجامعة: عهد جديد




كان واضحاً خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب للبحث في الوضع السوري ان نظام دمشق لم يعد يستطيع شق صفوف الجامعة العربية مثلما فعل مراراً في السابق، اذ لم تكن هناك «مطية» قومية يعتليها، ولا «عدو صهيوني» يزايد به على الآخرين. كان النظام نفسه في قفص الاتهام، والتهمة الثابتة عليه انه يقتل شعبه. اما المدافعون عنه، اي شركاؤه في «معسكر الممانعة»، فمتورطون في الجريمة نفسها، كل في ساحته: اليمن والسودان والجزائر، اذا وضعنا جانباً «الأسير» اللبناني.

الديبلوماسية المصرية المتنورة حالت دون تجميد عضوية سورية، وسحبت من يد دمشق ورقة كان يمكن ان تتذرع بها لإثارة الضجيج عن «النوايا» العربية ولاعلان رفضها المطلق للقرار الذي حظي بالإجماع، باستثناء التحفظ السوري طبعاً.

لكن ماذا حقق الاجتماع العربي، وهل تشكل دعوة بشار الاسد الى الحوار مع المعارضة حلاً للازمة، وهل يتوقع استجابة نظامه لمهلة الخمسة عشر يوماً، ام ان هناك مواقف اخرى قادمة بالتدريج؟

الواقع ان الدول العربية قطعت خطوة رئيسية، قد تليها خطوات سريعة على طريق نزع الشرعية عن النظام السوري، عندما وضعته على قدم المساواة مع المعارضة المنتفضة منذ اكثر من ثمانية اشهر، معتبرة بكلام آخر ان «الحوار» الذي يدعي النظام اجراءه مع وجوه معارضة في الداخل ليس صادقاً ولا يخرج عن كونه وسيلة لتقطيع الوقت ريثما يكمل محاولته لانهاء الانتفاضة بالقتل والاعتقال.

اما دعوة الطرفين الى اللقاء في مقر الجامعة وتحت اشرافها فتعني ان العرب باتوا يعتبرون الحكم السوري قاصراً عن ان يجد وحده حلاً للازمة حتى لو قرر الحوار فعلاً، وانه لا يمكن الثقة فيه، ولذا لا بد من اشراف خارجي، عربي حتى الآن، لإنجاح مثل هذا الحوار.

ويدعو القرار العربي دمشق الى اجراء اصلاحات عاجلة ووقف اعمال العنف والقتل وانهاء المظاهر المسلحة والتخلي عن المعادلة الأمنية، ويعتبر مجلس الجامعة نفسه في حال انعقاد دائم لمتابعة التطورات، أي انه يمهد عملياً لاجراءات يمكن اتخاذها في ضوء رفض الحكم السوري التجاوب مع مبادرته ومواصلة حملته الدموية، وهو أمر متوقع.

ومع ان المعارضة السورية تحفظت بدورها عن القرار ورأت ان النظام غير مؤهل للدخول في حوار يتناقض مع طبيعته، مطالبة الجامعة باتخاذ مواقف اقوى والاعتراف بالمجلس الوطني المشكل في اسطنبول، فإن القرار العربي يمهد الطريق امام تحول على مستوى دولي اوسع، حيث تتراخى شيئاً فشيئاً حلقة الدعم التي يستند اليها النظام في عناده المستميت. ولعل الترحيب الروسي بجهود الجامعة يندرج في اطار هذا التحول المتوقع، بعدما كانت روسيا تعتبر حتى الآن ان المشكلة هي بين النظام وبعض المعارضين، رافضة اي تدخل خارجي حتى لو كان عربياً. يضاف الى ذلك ما يتردد عن «مهلة» روسية للأسد لإجراء اصلاحات تنتهي قريباً.

اما الداعم الاساسي للحكم في سورية، اي النظام الايراني، فمحاصر هو الآخر، ومعرض لمزيد من العزلة، خصوصاً بعد الكشف عن مخططه لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، والذي تبدأ محاكمة المتهم الايراني بمحاولة اغتياله الاسبوع المقبل، مع ما قد تكشفه عن تورط قيادات رفيعة في طهران سيدفع دول العالم الى فرض عقوبات جديدة عليها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق